Thursday, January 28, 2010

السنة والشيعة




السنة والشيعة
أو

الوهابية والرافضة

الرسالتان: الأولى والثانية


كان هدف جَدي السيد الإمام محمد رشيد رضا (صاحب المنار) من هذه المقالات التي نشرها أولاً في مجلته «المنار»، ثم طبع الرسالة الأولى منها في حياته، وطُبعت الرسالة الثانية بعد وفاته، هو محاولة تقريب المنصفين من الشيعة إلى الاتفاق مع أهل السنة والجماعة ومعالجة الاختلافات بالحكمة والروية، وذلك بناءً على القاعدتين اللتين رفع بنيانهما في المنار: (الأولى) وهي عامة: «نتعاون على ما نتفق عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه»، (والثانية) وهي خاصة: «من اقترف سيئة من التفريق والعداء أو غير ذلك من إحدى الطائفتين بقول أو كتابة، فالواجب أن يتولى الرد عليه العلماء والكتاب من طائفته».
ويقول رشيد رضا في هذا الكتاب: «وإنني أعتقد اعتقادًا جازمًا بما تيسر لي من الاختبار الطويل، بأن هذه الخرافات والبدع التي كان التشيع مثارها الأعظم ستقضي على الإسلام إن لم يقض المصلحون عليها».
ويقول: «وإنني أقسم بالله وآياته لشديد الحرص على هذا الاتفاق، وقد جاهدت في سبيله أكثر من ثلث قرن، ولا أعرف أحدًا في المسلمين أعتقد أو أظن أنه أشد مني رغبة وحرصًا على ذلك، وقد ظهر لي باختباري الطويل وبما اطلعت عليه من اختبار العقلاء وأهل الرأي أن أكثر علماء الشيعة يأبون هذا الاتفاق، أشد الإباء، إذ يعتقدون أنه ينافي منافعهم الشخصية من مال وجاه».
ويقول: «فصاحب المنار لم يهاجم الشيعة مهاجمةً، وإنما رد بعض عدوانهم وبهتانهم لبطلانه، ولكون هذا الطعن في الصحابة وأئمة السنة وحفَّاظها وفي الأمة العربية ومَلكها([1]) في هذا الوقت لا فائدة منه إلا لأعداء المسلمين والعرب، السالبين لاستقلالهم، وأكبر قوة للأجانب عليهم تُعاديهم وتُفرقهم».
ويقول: «فهل يريد المستنكر من إخواننا أن نسكت لهؤلاء على كل هذا الطعن فيكون سكوتنا حجة على أهل السنة كافة، ومعصية يأثمون بها كلهم، ولا يزيد الشيعة إلا يقينًا بضلالهم، وبعدًا عن الاتفاق معهم؟»
ويقول: «وإنني أدعو عقلاء المسلمين كافةً، والمخلصين في إسلامهم من عقلاء الشيعة المعتدلين خاصةً، أن ينهضوا معنا نهضة جريئة لإحياء عقيدة التوحيد الخالص، والقضاء على عبادة الميتين، من أئمة أهل البيت الطاهرين، ومن سائر الأولياء والصالحين، وعدم التمسك بما يدعيه فقهاء الشيعة الجامدين، من تلقي الدين والفتوى من سرداب سامرا حيث اختبأ المهدي المنتظر».
ويقول: «وليس للمنار أدنى مساعدة مالية ولا معنوية من طائفة من الطوائف، ولا أهل مذهب من المذاهب، ولا من فرد من الأفراد، فأخشى على نفسي أن تتبع الهوى في الانتصار لمذهبهم أو شخوصهم من حيث أدري ولا أدري»(
[2]).
وقد كتب ذكاء الملك في جريدته (تربيت) الفارسية فنبه علماء الفرس وسُوَّاسِهم وذكر لهم بعد ترجمة مقالة رشيد رضا (الشورى في بلاد إيران): «إن منزلة ومقام حضرة حكيم الإسلام وفيلسوفه السيد محمد رشيد رضا عند جميع أهل الأقطار من المسلمين وخصوصًا العرب الكرام بمنزلة مائة عالم مجتهد من أهل التشيع، فاغتنموا الفرصة وفكروا أيها السُوَّاس في مقالة هذا الحبر واقرءوها على المنابر وفي المعابر

ومايزال نداء رشيد رضا وذكاء الملك قائمًا لرأب الصدع بين الطائفتين لصالح الإسلام الحق

(1) الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله. (فؤاد)
(2) فتوفي عن دَين يقدر بألفي جنيه ذهب، نصفهم ثمن ورق. (فؤاد)